عليّ أن أصبح جسرًا لنفسي أولًا

عليّ أن أصبح جسرًا لنفسي أولًا (PDF)

كتابة:  سارة

بدأ يومي بمشاجرة بيني وبين أمي، كانت تلومني على اِكتئابها المزمن وعدم رغبتها في الحياة،  تلومني وتعتبرني سبب ألمها ومرضها، غضبت ورفضت أن أكون سببًا في عدم رغبتها في البقاء، وتذكرت جيدًا أنني استيقظ يوميًا جاهدة في البقاء وحدي.

ثم أرى نفسي جيدًا وأنا أحاول جاهدة استخدام موقعي ونوعي الاجتماعي خلال تقديمي لدراسة الماجستير في الخارج، أرى نفسي جيدًا وأنا أتوسل الرجل الأبيض الذي يجلس بعيدًا على مكتب من خشب البامبو الباهظ وهو يقرأ رسالتي وأنا استخدم عن قصد المجتمع الأبوي في مصر لأبرهن له أن عليه انتشالي من هذا المستنقع في أقرب وقت ممكن، وكأنه وسيلتي الوحيدة للنجاة.

أرى نفسي جيدًا وأنا أحارب الأبوية في مجتمعي الشرق أوسطي بكل الوسائل والأدوات الممكنة، أرى نفسي جيدًا وأنا أتمنى الارتماء في حضن مجتمع أبوي آخر بعيد. حضن أبوي أبيض منمق مظاهر أبويته ضمنية ليست فجة كما أراها هنا. أرى جيدًا أيضًا أن لا مجال للهروب والفرار منه في كل الأحوال وكأنه شبح يطاردني وعليّ دائمًا إما الهروب منه أو المواجهة.

ثم أطلب المغفرة من ذاتي النسوية ومن رفيقاتي في عوالم بعيدة، أبدأ القراءة وأنا عازمة النية لأكون جزءًا من ما اقرأه وجزء منهن ومن حيواتهن، عليّ أن أرد الجميل. وفي كل نص اقرأه  لغلوريا ورفيقاتها عبر ثمارهن.

 لا أعلم متى نكون سعداء ولا أْعلم أن كان الهروب هو وسيلتي الوحيدة، لأني في حقيقة الأمر لا أْعلم كيفية تحقيق هذا الهدف المرجو من الحياة، لا أتذكر أخر وقت كنا سعداء حقًا ولسنا ندعي السعادة، سعداء في المطلق ولا أعلم متى توقف هذا عن الحدوث. هل توقف عندما كنت في العاشرة من عمري وتم لمسي لأول مرة بالرغم من عدم رغبتي في أن يلمسني أحد أم توقفت عن السعادة عندما تم وصم كياني بأكمله في ليلة مظلمة،  لم أستطع تخطي حدوثها حتى يومنا هذا…. لا أعلم.

وكما قالت غلوريا في رسالتها لي: “من منحني الإذن لأكتب؟ لمَ تبد الكتابة غير طبيعية بالنسبة لي؟ ولكني اليوم منحت نفسي الإذن لأكتب لأبقى حية، أكتب لأسجل ما يمحوه الآخرين عندما أتحدث، سأكتب لأنني خائفة من الكتابة ولكني خائفة من عدم الكتابة أكثر”.

اِعتزمت اليوم الكتابة لمقاومة وتوثيق كل الانتصارات والهزائم، فالكتابة بالنسبة لي هي رد الامتنان والحب لكل النساء الملونات والمثليات اللاتي قررن أن يكن جسرًا لأنفسهن أولًا من ثم لي لأعبر عليه، ولكل النساء اللاتي كتبن كي لا أكون وحدي في مواجهة صراعاتي، والظلام الذي نمى داخلي. أقرأ رسائل غلوريا والنساء الملونات في كتابتهن التي أعتبرها حصادهن، أقرأ، فربما أشعر بالحميمية والاستئناس معهن وأكف عن وحدتي.

 

كاتبات الخزانة

Share Button