فومينست

ساندي عبد المسيح

فومينست (pdf)

Fauxminist

عن التخفي في زي النسوية

يهتفون بالحريات الجنسية، وملكية الجسد؛ ليمارسوا الجنس معكِ. وفي داخلهم، ينظرون لكِ كمومس. عرفت منهم العديد. وهُناك آخرون، لم اكتشفهم، بعد. أتحدث عن أشخاص، نقابلهم يوميًا، من رجال ونساء، يدّعون النسوية، ومناصرة حقوق المرأة، ولكنهم، في حقيقة الأمر، ذكوريون، كما قال الكتاب.

النسوية ليست الانضمام لحركة، أو مؤسسة، وحضور المؤتمرات، والسفر حول العالم، لتنفيذ أجندة منظمة، داعمة للمساواة، بينما تمارسون كل ما هو ذكوري في حياتكم الشخصية. وأقصد هُنا الجزء من حياتكم الشخصية، الذي نراه، ونعيشه معكم، يوميًا. ونقع ضحايا له، أيضًا، في أحيان كثيرة. ماذا تفعلون هُنا؟ إذا كنتم غير مهتمين، وغير مؤمنين بمبادئ الحركة؛ فأتركوا المنصات، لمن هم أحق وأولى منكم، لتمثيل الفئات المهمشة، أو المستضعفة، أو المسلوبة حقوقها. وأقصد بالتمثيل، هُنا، أشخاصًا منتمين للمجموعات، التي يتحدثون باسمها. وإن كنتم، هُنا، سعيًا وراء إعجاب الجماهير بنضالكم المزيف، فعاجلًا أم آجلًا، سينكشف أمركم. مع أول مناقشة جادة، تظهر فيها مبادئكم الحقيقية، والتي لا تنتمي للفكر النسوي.

بناء على السمعة المكذوبة، التي فرضوها، يتسببون في وقوع البعض -ممن هم لا زالو يخطون خطواتهم الأولى، في طريق النسوية- في فخ الحيرة، والتساؤل، في أمور لو كانت صدرت من أشخاص آخرين، ممن لا يخشون ذكوريتهم،  لكنا عرفنا، من أول لحظة، أنها ذكورية بحتة، ومنافية لكل مبادئ المساواة. فكمثال على هذا: ذلك الصديق المقرب، الذي لطالما نادى بالشعارات، عن الحقوق والحريات، وأثبت (بالكلام دائماً وبالفعل أحيانًا)، انه لا يقبل بالتمييز والاضطهاد، وتحقير المرأة، عندما يصدر عنه حديث، أو تصرف، غير متسق مع تلك الشعارات، يجعل الأشخاص، في محيطه، يقعون في حيرة مضنية. هل هو ذكوري؟ بالطبع لا. فأنا أعرفه جيدًا. ولكن هذه التصرفات ذكورية. وينخرطون في دوامة من الشك والحيرة. حتى يصلون للنتيجة متأخرين، عادة، أن هذا الشخص، لا ينتمي لهم، ويسيء لمبادئ النسوية.

وهذه البلبلة، التي يسببها هؤلاء، قد ترسم صورة خاطئة، للكثيرين، عن النسوية. وهو الحال، الآن، في محيطات عدة. وهو ما يشجع، بالطبع، المزيد من هؤلاء، الطفيليين، للانضمام إلى الحركة، وتشويهها، على نطاق أوسع، وأوسع. لست أخاف على سمعة النسوية، أو النسويات، والنسويين؛ بل أخاف من أثر هذه البلبلة، على تقدم الحركة النسوية، وتحقيق أهدافها، التي تسعى لمنفعة الجميع. لا تخذلوا النسوية، في أهوائكم الشخصية، ومنافعكم الخاصة؛ فالعالم واسع، ولديكم مساحة كبيرة، لأن تظهروا قبحكم، بدون تجمل، وأن تحصلوا على ما تريدون، في أوساط أخرى، بسهولة بالغة.

لماذا؟

سألت نفسي، كثيرًا، لماذا يقوم هؤلاء بادعاء النسوية؟ ومن ملاحظاتي، وتجربتي الشخصية، وجدت أن البعض، يبحث عن القبول المجتمعي والشهرة، والبعض يتخذها مهنة، حيث تجلب لهم المال، وفرص السفر، والبعض يتقرب بها للنساء، ليقعن في حبه، أو يعجبن بآرائه ونشاطاته. ويكون الوقت، هو العامل الوحيد، الذي يحول بينهن وبين الحقيقة. والبعض يحصل بها على إشارة أمان، للدخول بين مجموعات النساء، لكسب الصداقات، أو العلاقات، أو ممارسة الجنس. قد تكون هُناك أسباب أخرى، لم اكتشفها بعد. ولكني، في الحقيقة، غير مهتمة باكتشافها. فلقد اكتفيت، ومللت رؤية هؤلاء، في اللقاءات والتجمعات، حيث يضيعون وقت الجميع.

رسالة

ولا يسعني، هُنا، التعاطف، بحجة أن التواجد، في الأجواء النسوية، قد يساعدهم على تبني الفكر النسوي، ومبادئه. لا! أعتذر بشدة. ليس هُنا، هو، المكان الصحيح. الكل بذل مجهوداته الشخصية، لتقويم فكره، وتهذيب سلوكه، حتى وصلنا، حيث نحن الآن. وتواجدكم هُنا، يعطلنا، ويشتت جهودنا. فتجعلوننا ندخل في محادثات، وجدالات بديهية. ونبذل، من الجهد والطاقة، الكثير، لشرح وعرض، مباديء أساسية، ومنطقية، لا زلتم تريدون دلائل ومبررات لها.

لا تفصّلوا مبادىء النسوية بمقاسات تناسبكم فقط. فهُناك فرق بين التناول الشخصي للقضايا، وفرض مفاهيمكم على الجمهور. هُنا أتحدث، بشكل أساسي، عمن، هم، يديرون المشاريع، أو المنظمات، أو من لهم صوت في إتخاذ القرارات، والذين يرون للنسوية، تعريفات أخرى، خلقوها هم، لتتناسب مع مبادئهم، وإيمانياتهم الشخصية. فهم يؤمنون بالحقوق المتساوية، والحريات. ولكن، عندما تمس تلك الحقوق والحريات، ما ترسخ في أذهانهم، من عفن مجتمعي، فهم قادرون، دائما، على إيجاد طريقة، لخلق مزيج، غير متجانس، من الأفكار، التي يعتبرونها للصالح العام.

ألستم تملكون، من الجرأة، ما يكفي لمواجهة المجتمع، بآرائكم الحقيقية، والدفاع عنها؟ أم أنكم تعرفون، أن الصراحة، في تلك الحالة، ستجعلكم تخسرون كل الإعجاب، والمال، والفرص، والوصول لكل ما تتمتعون به، الآن، على حساب النسوية، كذبًا؟

ربما الآن هو الوقت المناسب لتغربوا عن نظرنا وتخلوا الساحات من أفكاركم وسلوككم وإذا كنتم تحاولون الإنضمام للحركة فإرجعوا بضعة خطوات وراجعوا مفاهيمكم وغذّوا فكركم أولاً قبل أن يصدر لكم أصوات تضر أكثر مما تنفع.

توضيح

لا أنتوي، أبدًا، بث الشك في الكل، وتخوين كل من خانته فكرة، أو لفظ، أو تعبير. ولكني أعتمد على فراسة القراء، في التمييز بين من هم في طور التعلم والتطور المستمر، (شأننا جميعًا)، ومن هم لا يتبنون مباديء النسوية، قلبًا وقالبًا، ويشتتوننا، عمدًا، عن مسارنا، لتحقيق أهداف شخصية.

ما هي النسوية؟

قد يبدو التعريف سهلًا، ومنطقيًا. وقد يبدو معقدًا، وله طبقات عديدة. ولكن، في هذه اللحظة، أرتاح لذِكر تعريف “بل هووكس” للنسوية: “هي حركة للقضاء على التمييز المبني على النوع، الإستغلال الجنسي، والاضطهاد.” وتقول، عن هذا التعريف، أنها تفضله، لأنه لا يجعل الرجال في مرتبة العدو، بل التمييز، بغض النظر عن جنس من يمارسه. فهو مفهوم واسع، بشكل كافٍ، ليشمل التمييز المؤسسي الممنهج ضد المرأة. إذًا حتى نفهم النسوية، لابد وأن نفهم التمييز المبني على الجنس أولًا.

وأخيرًا،

كتبت للتعبيرعن غضبي، واستيائي الشديدين، من هؤلاء ال Fauxminists. هؤلاء، الذين تسببوا في حيرتي لعدة سنوات. واعتبر تلك دعوة للجميع، لمراجعة المبادئ، والخطوط الحمراء، واتخاذ مواقف واضحة، مما هو مزعج، أو غير مريح. للتخلص من تلك البذور الفاسدة، المنتشرة حولنا، والتي، إن تركناها، تتغذى على طاقتنا، وتنمو، قد يصعب علينا انتزاعها من جذورها، فيما بعد.

Share Button