بوابة احتمالات

نوارة بلال

بدأت علاقتي بمشروع “القطر” من خلال زمايلي في مجموعة اختيار، للآسف مروحتش  معاهم خلال الزيارات الأولي للبرشا، بس حماستهم لفريق “بانوراما البرشا”  كانت ملهمة وفيها قناعة حقيقية إنك تقدر تخرج من القاهرة وتشتغل مع مجموعة صغيرة في قرية في الصعيد، وتشوف مستقبل تحب تساهم فيه.

لما اشتغلت مع شادي على تقديم المشروع، كنت بانية رؤيتي على معرفتي السابقة بالشغل في الصعيد، اللي بتتلخص في مشروع فني سابق، ومعرفتي البسيطة عن كتابة المشروعات. اللي اتعلمته إن مش بمجرد الخروج من القاهرة هتبقى كل المبادرات الفنية شبه بعض ولا كل الصعيد شبه بعض وإن الخصوصية التابعة لكل مكان مش شبه بعضها أكيد؛ ودي حاجة ملحوظة في تفاصيل مختلفة، لإن أسيوط مش المنيا، مش دمياط، لا على مستوى الجو ولا الجغرفيا ولا استعداد أفراد المكان للتواجد في أي وقت، لإن كل مكان له حساباته واستيعابه، ودورنا احنا إننا نعرف نتواصل مع طبيعة المكان.

تحمست لتجربة الشغل في قرية في مركز ملاوي في المنيا، لوجود ستات/بنات عندها استعداد للتعلم، أنا كده كده رايحة بمفهوم مسبق مليان أفتراضات عن الوضع العام للستات هناك، بس لما ابقى رايحة أشتغل مع جمعية مؤسسها ومديرتها شابة مجتهدة، أكيد هببقى عندي رغبة حقيقية إني أفهم دينامكيات وتعقيدات العلاقات الجندرية بطبيعتها الخاصة والمساحة اللي هيبقى مهم ومنطقي استكشفها وأشتغل فيها.

مع بداية السنة واتخاذ قرارات عملية لبداية المشروع، وبعد ما حصل تغيرات أولية للفريق الفني،كنت متحمسة إني أشوف فكرة مسرح الشارع بتحصل في الصعيد، وبتتنقل مش بس كمسرح ولا كفكرة مبادرة فنية في الصعيد، لكن كفرصة لتطوير سياق فني متجول بيشتغل على التشبيك والبنا بإمكانيات محلية بتتطور من مسرح لفن بصري أو غيره وبتخلق علاقة مع المساحات العامة بأبعاد فنية ونسوية، وبتطرح احتمالية تواجد ستات وفتيات في المساحة العامة بصورة تمهيدية، بتساعد على الاحتكاك بالمجتمع المحلي بشكل تلقائي، حتى وإن كان بيفرض حسابات واعتبارات، مهم يتم تحييدها بسلاسة مع الوقت.

لما ابتدينا مرحلة التحضير للتدريبات والسفر إلى المنيا وتواجد الفريق الأكبر مع وجود منة إكرام (الصديقة والزميلة في اختيار وهي بتشتغل في صناعة الأفلام ومهتمة بالتعبير البصري) كفريق توثيق بصري وتبلور الفريق الفني؛  كانت بداية أوضح للمشروع بعد الكتير من التغيرات في الخطة الفنية كمحاولة للوصول لأفضل شكل تدريبي، سواء من خلال إعادة التفكير في عدد القرى اللي هنشتغل فيها أو مستوى استعداد المجموعات اللي هنشتغل معاها أو شكل العروض. لما بدأنا كان في تعارف أكتر بين فريق بانوراما البرشا والفريق الفني للقطر وبداية التعرف على مجموعة “مجانين” في المنيا و”تياترو الصعيد” في ملاوي وهي المجموعات اللي توصلنا ليها في البرشا ومركز ملاوي وعملنا معاهم مقابلات بعد البحث عنهم في سبيل التعرف على الفرق والمجموعات المسرحية المتاحة واللي عندها اهتمام بمسرح الشارع وبمفهوم التشبيك واستعداد التدرب مع فرق تانية خارج إطار المسرح التقليدي المتاح في المنيا اللي بيفرض شكل موحد للعمل المسرحي.

خلال التحضير للبدء، كان مهم أتعرف على عمل مجموعات أخرى بتشتغل على مسرح الشارع، واتيحت الفرصة خلال سفري إلى تونس في شهر يناير الماضي، وكان عندي مساحة للتعرف على  مجموعات من دول عربية وأفريقية مختلفة، المشروعات بصراحة معظمها كان مثير للأهتمام، كان ملهم التقرب من مشاريع بتحصل تحت ظروف صعبة، وامكانية العمل الفني مع ظروف بتتأقلم مع عدم الأمان والتهديد العام لحياة الأفراد اللي بتعيش في المكان. أتعرفت على شغل مجموعة مسرح من لبنان، بتشتغل مع اللاجئات السوريات وبتعيد تمثيل تجاربهن. أتعرفت على مهرجة أنضمت جديد لمجموعة “مهرجين بلا حدود” خلتني أفكر إن فعلا المهرجين ممكن يكونوا في أهمية الأطباء والمحاميين. تجربة مشروع المسرح  المغربي كان ليها بعد تاني؛ في تعبيرها عن أشكال العنصرية الواقعة على فئات بعينها مش منتمية للشكل المجتمعي للمدينة المغربية، خصوصا مجتمعات أفريقيا السوداء؛ يبيطرحوا في شغلهم التمييز المزدوج اللي \بتعانيه الستات السوداوات وكونهم مواطنات “درجة تانية”، فقط لأنهن سودوات ونساء، وده كان تأكيد على أن أسس  التمييز واحدة، لكن شكلها وتمثيلها ومقاومتها مختلفين.

حب المسرح والدافع النسوي والإيمان بخلق مساحة تواجد في الشارع، والتعرف على تجارب بلاد تانية بسياقاتها وظروفها المختلفة، فتح بوابة احتمالات، منها مساحة فيها اهتمامات وقضايا مختلفة وأفراد تجاربهم/ن غنية وتقدر تخرج عن مركزية القاهرة، وبتفتح طرق تعلم متبادلة، وبتكسر وبتبني بدافع الفعل نسوي.

نوارة بلال

مسؤلة التقارير بمشروع القطر وجزء من مجموعة اختيار لدراسات وأبحاث النوع الاجتماعي.

25/7/2016

Share Button