نسويات قاتلات البهجة (بالإضافة إلى مواضيع قصدية أخرى)

كتابة: سارة أحمد

كاتبة وباحثة مستقلة وناشطة نسوية  إنجليزية- استرالية من أصول باكستانية، تعرف نفسها كنسوية قاتلة للبهجة، كتبت سياسات المشاعر”، “وعد السعادة”، “عيش حياة نسوية”، وتدون بأستمرار على مدونتها (نسوية تقتل البهجة).1

ترجمة: دانا علاونة

تدقيق لغوي: علا أبو الشلاشل

نسويات قاتلات البهجة (بالإضافة إلى مواضيع قصدية أخرى) (PDF)

 ملحوظة عن هذه المقالة [١].

قد يكون من الصعب تذكر كيف أصبحتِ نسوية، وذلك لأنه من الصعب تذكر أي وقت لم تشعرين به بالنسوية. هل من الممكن أنكِ كنتِ نسوية دائما؟ هل من الممكن أنني كنت نسوية منذ البداية؟ يمكن أن تكون قصة نسوية هي بداية. ربما باستطاعتنا تفسير التعقيد في النسوية كمساحة للنشاط السياسي إن استطعنا شرح الكيفية التي تصبح فيها النسوية أداة للمشاعر، كشيء نستثمر فيه، كطريقة تربطنا بالعالم، وطريقة لتفسير كيفية ارتباطنا بالعالم. متى أصبحت “النسوية” كلمة لا تخاطبكِ أنتِ لوحدك بل تتحدث عنكِ، وتتحدث عن وجودكِ أو حتى أنها من جعلتكِ موجودة؟ وقع ذلك على السمع؛ وقع صوتك أنتِ؟ كيف نتجمع حين نلتف حول هذه الكلمة؛ أن نقف مع بعضنا البعض حين نتبنى هذه الكلمة؟ كيف كان معناها، وما معناها الآن؛ التمسك بالـ”نسوية” والمقاتلة تحت اسمها، أن تشعرين بتقلباتها، وبحضورها وغيابها، وبتقلباتكِ وحضوركِ وغيابكِ أنتِ شخصيا؟

ما هي قصتي؟ نفس حالك، لدي العديد القصص. إحدى الطرق لسرد قصتي النسوية تبدأ بمائدة طعام تتجمع حولها العائلة. دائما نجلس في نفس المكان: أبي على إحدى أطراف المائدة، أنا على الطرف الآخر، أخواتي الاثنتين على إحدى الجوانب وأمي على الجانب الآخر. دائما نجلس بهذا الشكل، وكأننا نحاول تأمين أكثر من مكاننا فقط. أجل، إنها ذكريات الطفولة. ولكنها أيضا ذكريات تجارب يومية بكل معناها الحرفي؛ أي أنها تجربة تحصل كل يوم. حياة يومية مكثفة: أبي يلقي الأسئلة، أنا وأخواتي نجيب على تلك الأسئلة، وأمي صامتة معظم الوقت. متى تتحول الكثافة إلى توتر؟

نبدأ بمائدة. حول تلك المائدة تجتمع العائلة؛ تتبادل أحاديث لبقة، حيث يمكن ذكر مواضيع محددة. ثم يقول شخص شيئا فيه إشكالية. فتشعرين بالتوتر، ويصبح الجو متوترا. ولا تستطيعين التفرقة بين ما تشعرين به وبين ما هو ذلك الشيء! وربما تجيبين بحذر وتقولين سبب رؤيتك للإشكالية فيما قالوه. قد تتحدثين بهدوء، إلا أنكِ تشعرين بالغضب، وتدركين وأنت محبطة، أنك جُرحت من شخص يستهزء بك؛ وحين تتحدثين بصوت عال لتعبرين عن رأيك، فإنك تعكرين صفو الموقف. حين وصفتي ما قاله الآخرون بأنه مشكلة، يعني أنك خلقت مشكلة. وتصبحين أنت المشكلة التي خلقتيها.

وتكونين محط الاستنكار المشترك، وتُرشقين بنظرات يمكنها أن تقطعك، وأن تعزلك. تجربة العزلة يمكنها أن تحطم عالما. تجتمع العائلة حول المائدة. يفترض أن تكون هذه المناسبة سعيدة. كم نعمل باجتهاد لنحافظ على سعادة تلك المناسبة؛ لنحافظ على بريق تلك المائدة لتعكس صورة جيدة عن العائلة. هناك الكثير من الأشياء الذي لا يتوجب عليك فعلها أو قولها أو حتى أن تكونيها، من أجل الحفاظ على تلك الصورة. إن قلت أو فعلت أو كنت على ماهية لا تعكس صورة العائلة السعيدة، فإن العالم يصبح مشوها. وتكونين أنت التشويه الذي تسببينه. وهكذا خربت عشاء آخر. إن عزلك عن الصورة سيجعلك ترين ما لا تعسكه تلك الصورة وما لن تعكسه.

أن تصبحين نسوية قد يعني أن تصبحين معزولة عن السعادة (ولكن ليس مجرد ذلك وليس فقط ذلك: يالا فرحة أن تكوني قادرة على ترك المكان الذي منحتيه). حين نشعر بالسعادة ونحن بالقرب من الأشياء الصحيحة، فإننا نقف في الصف ونواجه الطريق الصحيح. وحين لا تشعرين بالسعادة من الأشياء الصحيحة، تصبحين معزولة – خارج المجتمع التقليدي في وسط مؤثر. الفجوة بين القدر المؤثر لشيء ما وكيف نختبر ذلك الشيء قد يتضمن مجموعة من المشاعر التي توجهها طرق التعبير المطروحة لملىء هذه الفجوة.

إن خذلنا من قِبل شيء يفترض أن يسبب لنا السعادة، فإننا نولد تفسيرات عن سبب حدوث الخذل. يمكننا أن نشعر بخيبة الظن دون أن نكون قد شعرنا بالسعادة يوما. فكري بيوم الزفاف، تخيلي أنه “أسعد يوم في حياتك”، حتى قبل أن يحدث فعلا! ماذا يحدث حين يأتي ذلك اليوم، وماذا يحدث إن لم تتحقق تلك السعادة؟ في كلاسيكيتها “القلب المسير” (The Managed Heart)، تستكشف أرلي راسل هورشيلد ما الذي يحدث في حال لم تشعر العروس بالسعادة يوم زفافها، بل تشعر بالكآبة والحزن، مما يعني أن مشاعرها لا تعتبر مناسبة، أو أن العروس متأثرة بشكل غير لائق. وعليك أن تنقذي الموقف وتشعرين بالمشاعر الصحيحة: “الشعور بالفجوة ما بين الشعور المثالي وبين ما تشعره العروس في الحقيقة، فتقوم العروس بدفع نفسها على أن تشعر بالسعادة” [٢]. القدرة على “إنقاذ الموقف” تكمن في قدرة العروس على أن تتأثر بالمشاعر الصحيحة، أو على الأقل أن تكون قادرة على إقناع الآخرين، بأنها متأثرة بالطريقة الصحيحة. التأثر بالمشاعر الصحيحة أو أن تصحح ما تشعر به، يعني ألا نشعر بشيء كنا نشعره سابقا: تجبر العروس نفسها أن تشعر بالسعادة عن طريق منع نفسها من الشعور بالتعاسة. نتعلم من هذا المثال أنه يمكننا أن نعيش دون أن نشعر بسعادتنا التامة، أو حتى أن نعيش بعزلة عن سعادتنا، وذلك إن بقي الشعور الأول حيا فينا، وإن استمر في التواجد فينا كأكثر من مجرد ذكرة؛ أو لو تعرضنا للشعور بعدم الراحة بسبب ضرورة أن نجعل أنفسنا نشعر بطريقة محددة.

لا يمكنك دائما أن تغلقي الفجوة بين ما تشعرين به وما عليك أن تشعرين به. ويكمن خلف ذلك محيط كبير من الإمكانيات. هل ينبع النشاط السياسي من تلك الفجوة، وهل يقوم بفتحها وتوسيعها؟ إن عدم إغلاق الفجوة بين ما تشعرين به وما عليكِ أن تشعرين به، قد يبدأ بشعور خيبة الظن، أو يكون مصاحبا بذلك الشعور. قد يتضمن الشعور بالخيبة حكاية مقلقة من الشك بالنفس والتساؤل (لما لست سعيدة بما يحدث؟ ماذا بي؟) أو بحكاية من الغضب، حيث أن الشيء الذي “يفترض” أن يكون مصدر سعادة يوصف على أنه سبب خيبة الظن. قد توجهين غضبك ضده، أو قد يخرج غضبكِ على هؤلاء الذين وعدوكِ بالسعادة من خلال إظهار تلك الأشياء على أنها جيدة. وفي لحظات كتلك، نصبح غرباء، أو غرباء بمشاعرنا.

غرباء المشاعر هم من يشعورون بأحاسيس غريبة. ويتم عزلك عن مائدة السعادة. ما الذي يحدث حين تخسرين مقعدك؟ يدور النشاط السياسي -في حالات كثيرة- حول المقاعد. فكلمة “dissidence” (انشقاق) باللغة الإنجليزية مشتقة من اللاتينية؛ والشق الأول في اللاتينية “dis” معناه “بعيدا عن”؛ والشق الثاني “sedere” معناه “الجلوس”. فالمنشق هو الشخص الذي يجلس منعزلا عن الآخرين. أو أنه الشخص الذي سيتم إبعاده عن المائدة بأن يأخذ مكانا على تلك المائدة: إن مكانك على المائدة هو موقع الصراع. في الظاهرة الكويرية (أحرار الجنس) كنت مهووسة جدا بالمائدات ولم أنتبه لكويرية المقعد. لكنني اقترحت وقتها أننا لو بدأنا بذلك الجسم الذي يفقد مقعده، فإن العالم الذي نتكلم عنه سيصبح شيئا مختلفا تماما [٣].

قتل البهجة

عزلك على مائدة السعادة قد لا يعني مجرد تعريض تلك المائدة للتهديد فقط، بل أيضا ما يتجمع حولها وعليها. حين يتم عزلك، فإنه يمكن أن تعترضين طريق هؤلاء الجالسين، هؤلاء الذين يريدون الاحتفاظ بمقاعدهم أكثر من أي شيء. أن تهددين بفقدان ذلك المقعد، قد يعني قتل بهجة الجالسين. كم نفهم ونميز شخصية قاتلة البهجة! وكم هي منطقية! فلنأخذ شخصية قاتلة البهجة على محمل الجد. يمكن أن تكون إحدى مشاريع النسوية هو أن يُردّ لقاتلة البهجة صوتها. قد يعني ذلك أن نسمع أن النسويات قاتلات للبهجة على أنه شكل من أشكال الرفض والعزلة، إلا أن هناك سخرية ما في ذلك، وهي أن ذلك الرفض يكشف لنا عن حرية غير ظاهرة. وعليه يمكننا الإجابة بالموافقة على تلك الاتهامات الموجهة للنسويات.

إن شخصية النسوية قاتلة البهجة تصبح منطقية إن وضعناها في سياق النسويات اللواتي تنتقدن السعادة، وكيفية استعمال السعادة لتبرير العادات الاجتماعية على أنها عادات جيدة (العادات الاجتماعية الجيدة هي التي تجلب السعادة، السعادة التي تـُمنح لك هي التي نفهمها على أنها الجيدة). وصفت (سيمون دبوفوار) ذلك بذكاء، قائلة “من السهل دائما أن نصف مكانا نريد وضع الآخرين فيه بأنه مكان سعيد” [٤]. وعدم الموافقة على البقاء في هذا المكان قد يعني أننا نرفض السعادة التي يتمناها لنا الآخرون. أن تنخرط في النشاط السياسي يعني أن تتورط في صراع ضد السعادة. حتى لو كنا نتصارع على أشياء مختلفة، وحتى لو كانت لنا عوالم مختلفة نريد خلقها، فإنه يمكننا أن نجتمع على الشيء الذي سنناهضه. لذا فإن أرشيفاتنا الخاصة بالنشاط السياسي ليست بسعيدة. فكري فقط بالعمل النقدي الذي نقوم به: نقد نسوي لشخصية “ربة المنزل السعيدة”، النقد الأسود لأسطورة “العبد السعيد”، النقد الكويري لرومانسية الغيرية الجنسية على أنها “هبة منزلية”. النزاع حول السعادة يوفر أفقا، وفي تلك الأفق تُصنع المطالب السياسية. ونحن نرث تلك الأفق.

أن تكوني على استعداد أن تعارضي نظاما اجتماعيا -وهو مصون كنظام أخلاقي ونظام للسعادة- يعني أنك على استعداد للتسبب بعدم السعادة؛ حتى وإن لم يكن هدفك هو التسبب عن التعاسة. أن تكوني على استعداد أن تتسببي عن التعاسة قد تكون الطريقة التي نعيش بها حياتنا (بعدم اختيار “الطريق الصحيح” يمكن أن يفهم أن معناه هو التخلي عن السعادة التي المفترض أن ذلك الطريق يوفرها). كإجابات الأهل حين يخبرهم أولادهم عن ميولهم الجنسية المثلية مثلا؛ تلك الإجابات قد لا تظهر على أن الأهل مستائون كون طفلهم مثلي، ولكنها تكون على هيئة استياء لأن الطفل غير سعيد [٥]. حتى إن لم تكن تقصد أن تتسبب في حزن أولائك الذين تحبهم، إلا أن الحياة الكويرية قد تعني العيش بذلك الحزن والتعاسة. أن تكون على استعداد بأن تتسبب عن التعاسة قد يكون أيضا الكيفية التي ندخل فيها أنفسنا في الصراع الجماعي، وذلك حين نعمل مع ومن خلال الآخرين الذين يشاركوننا آرائنا وعزلتنا. هؤلاء الذين فقدوا أماكنهم/ن على طاولة السعادة يمكنهم/ن إيجاد أحدهم/ن الآخر.

ولذلك، فإننا سنأخذ شخصية النسوية قاتلة البهجة على محمل الجد. هل تقتل النسوية بهجة الآخرين حين تلفت الانتباه للحظات التفرقة الجنسية؟ أو حين تكشف عن المشاعر السيئة المخفية أو الشاردة أو المهمَل-ة تحت شعارات البهجة العامة؟ هل تدخل المشاعر السيئة إلى الغرفة حين يعبر أحدهم/ن عن غضبه/ا على سير الأمور، أم هل الغضب هو اللحظة التي تطفح فيها تلك المشاعر السيئة التي تدور بين الأجسام بطريقة ما إلى السطح؟ حين يعني وجود الموضوع النسوي “في الغرفة” أنه “يحبط الآخرين”، وليس بمجرد الكلام عن مواضيع غير سعيدة مثل التفرقة الجنسية، بل أيضا بالكشف عن الكيفية التي يتم بها المحافظة على السعادة، من خلال محي علامات عدم التفاهم. إنهن يقتلن السعادة بطريقة ما: إنهن يشوهن تصور أن السعادة يمكن أن توجد في أماكن معينة. أن تقتلين تصورا يمكن أن يقتل شعورا. إنه ليس مجرد أن النسويات قد لا تكن متأثرات ببهجة بالشيء الذي يفترض أن يسبب تلك البهجة ، إلا أن عدم قدرتنا على أن نكون سعداء يفهم على أنه تخريب لسعادة الآخرين.

يمكننا أن نعتبر العلاقة ما بين سلبية شخصية النسوية قاتلة البهجة وبين الطريقة التي “تلاقى” بها أجسام معينة على أنها سلبية. تقول “مارلين فراي” أن الاضطهاد يستدعي أن يظهر الشخص علامات السعادة في الوضع الذي يتواجد به. كما تقول: “عادة يكون مطلوب من الأشخاص المضطهدين أن يبتسموا ويكونوا مرحين. إن امتثلنا لذلك، فإننا ندلل على رضوخنا وإذعاننا في موقفنا”. حين تكون مضطهدا فإنه يطلب منك أن تظهر علامات السعادة، ما يدل على أنه تم ضبطك. بالنسبة لفراي “إن أظهرنا أي ملامح لا تعبر عن بهجة وسعادة فنحن مُعرّضين أن يرانا الآخرون على أننا لئيمات أو مريرات أو غاضبات أو خطيرات” [٦].

أن يتم وصفنا بالنسويات يعني أنه سيتم تصنيفنا في فئة صعبة وكفئة صعبة أيضا. حين تعرّفين نفسك بالنسوية فإنه يتم تصنيفك على أنه “ليس من السهل التعامل معك”. ويفترض عليك أن تظهري للآخرين بأنك لست صعبة من خلال إظهار علامات النية الحسنة والسعادة. تتحدث (فراي) عن تلك التجارب حين تصف كيفية حدوث ذلك وتقول “هذا يعني، إن أقل ما يمكنه أن يحدث هو أنهم قد يجدوننا صعبات أو غير مريحات للعمل معهم، وهذا الأمر جدير بأن يكلف المرء مصدر رزقه” [٧]. بإمكاننا أيضا أن نلحظ تطورا في التعاسة النسوية (أسطورة أن النسويات قاتلات للبهجة لأنهن غير سعيدات في الأساس). هناك رغبة في الاعتقاد أن النساء يصبحن نسويات لأنهن غير سعيدات. وتلك الرغبة تعمل كطريقة للدفاع عن السعادة في وجه النقد النسوي. هذا لا يعني أن النسويات قد لا تكن تعيسات فعليا، فحين تصبحين نسوية فإنه قد يترتب على ذلك أن تصبحين واعية بكم الأشياء التي تدعو إلى أن تستائي من أجلها. قد يتم فهم الوعي النسوي على أنه الوعي بالاستياء والتعاسة، لقد وصلنا إلى هذا الوعي حين رفضنا أن نتجاهل ما يحدث. ما أريد قوله هنا هو أنه من المعتقد أن النسويات غير سعيدات، كما يتم الاعتقاد أن مواقف الصراع والعنف والقوة هي نتيجة تعاسة النسويات، بدل أن تكون هي ما يسبب للنسويات تعاستهن.

قد يحدث النزاع السياسي حول مسببات الاستياء. يجب أن نحدد تاريخ عدم السعادة. كما علينا أن نستمع إلى عدم السعادة أكثر من مجرد نفي تلك السعادة. قد يعلمنا تاريخ كلمة “الاستياء” شيئا عن الاستياء الموجود في تاريخ السعادة. في استعمالاته الأولية، كان يدل معنى التعاسة على التسبب في نكد أو مشكلة. وفقط في وقت لاحق، بدأت الكلمة تعني الشعور بالتعاسة، بما معناه أن تكونين مستاءة أو حزينة. يمكننا أن نتعلم من التغير الذي حدث في الترجمة في معنى الكلمة من التسبب بالتعاسة إلى استعماله كوصف بأن شخصا ما يشعر بالتعاسة. علينا أن نتعلم من ذلك.

لكلمة “wretched” (بائس/تعيس) أصول خاصة، وتأتي من كلمة الغريب، أو المنفي، أو الشخص المبعد. تطورت كلمة البائس في اللغة الإنجليزية من الإنجليزية القديمة ليصبح معناها الشخص الحقير ويقال أنها تعكس “الحالة المزرية للشخص المنبوذ”. هل يمكننا أن نعيد كتابة تاريخ السعادة من وجهة نظر الشخص الحقير؟ لو استمعنا لهؤلاء المنبوذين بأنهم بؤساء، ربما لن يبقى بؤسهم ملكا لهم فقط. إن حزن الغريب قد يعطينا زاوية مختلفة للسعادة وذلك ليس لأنه يعلمنا ما معناه أو ما عليه أن يكون المرء غريبا، بل لأنه قد يبعدنا عن السعادة التي يسببها لنا كل ما هو مألوف.

يساعدنا علم الظواهر في اكتشاف أن الشيء المألوف هو الشيء الغير ظاهر. تبين ظاهرة الكويرية كيف أن المألوف غير ظاهر لهؤلاء الذين يعيشون ذلك المألوف. بالنسبة للكويريين وغيرهم من “الآخرين” فإن الشيء المألوف ظاهر لهم لأنهم لا يعيشون ذلك المألوف. أن يكون المرء مستبعدا عن شيء، قد يمكّنه من خلق “وعي” عن ذلك الشيء. لذا فإنه يمكن لقاتلات البهجة أن يصبحن مشروعا معرفيا، مشروعا يصنع العالم.

مائدات نسوية

نداء النسوية قد يكون نداءا للغضب، وتنمية شعور بالغضب ضد الأخطاء الجماعية. ولكن رغم ذلك، من المهم ألا تتحول مشاعر النسوية لمكان للحقيقة المطلقة: وكأنه شيء واضح دائما أو بديهي أن غضبنا صائب. عندما يصبح الغضب مبررا أخلاقيا يمكنه أن يتحول لشيء قامع، من الممكن أن يكون من الخطأ أن نفترض أن الغضب سيبرر موقفنا أخلاقيا. نحن على علم بكيفية سهولة تغير سياسة السعادة إلى سياسة الغضب: أن نفترض أن لنا الحق بأن نكون سعداء قد يتحول بسهولة إلى شعور بالغضب تجاه الآخرين (كالمهاجرين والغرباء و الفضائيين) الذين يعتبرون أن السعادة حقهم بالتبرير الأخلاقي. ما أرمي إليه هنا بالتحديد هو أنه لا يمكننا أن ندافع عن أنفسنا ضد استعمال المشاعر بتلك الطريقة الدفاعية. ليست المشاعر منصفة دائما، حتى تلك المشاعر التي تأخذ قوتها في/ أو من خلال، تجربة ظالمة. مشاعر النسوية غامضة ومنقولة ومعتمة، إنها مواقع للصراع وعلينا أن نستمر في الصراع معها [٨].

وبعد كل شيء، فإن المساحة النسوية هي مساحة عاطفية، حيث تكون تجربة التضامن بالكاد شاملة. كنسويات لنا مائدتنا الخاصة بنا. إن تم استبعادنا من مائدة العائلة، فهذا لا يعني بالضرورة أننا سنجلس سويا. يمكننا أن نضع شخصية النسوية قاتلة البهجة إلى جانب شخصية المرأة السوداء الغاضبة، والتي تمت دراستها بعمق من قبل كاتبات مثل (أودري لورد) [٩] و(بيل هوكس) [١٠]. يمكن وصف المرأة السوداء الغاضبة بأنها قاتلة للبهجة، في استطاعتها أيضا أن تقتل بهجة وسعادة النسويات، فمثلا، حين تشير إلى أشكال التمييز العنصري في السياسة النسوية. ويمكن أيضا ألا تضطر إلى الإشارة إلى أي شيء لتقتل البهجة. انتبهوا إلى الوصف الآتي من قبل (بيل هوكس): “قد تحضر مجموعة من النسويات الناشطات -اللاتي لا تعرفن بعضهن البعض- اجتماعا ليناقشن فيه النظرية النسوية. قد يشعرن بالارتباط ببعضهن البعض على أساس كونهن نساء، إلا أن الأجواء ستتغير بطريقة ملحوظة في اللحظة التي ستدخل فيها إمرأة ملونة إلى الغرفة. ستصبح المرأة البيضاء متوترة، غير مرتاحة، غير محتفلة”. [١١]

لا يقتصر الأمر على أن المشاعر هي التي “توترت”، بل على أن هذا التوتر يلبد في مكان آخر: تشعر بعض الأجساد بذلك التوتر، ويعود ذلك إلى أن جسما آخر تسبب به، ذلك الجسد يعتبر أنه خارج تلك المجموعة، وكأنه يقف في طريق المتعة والروح التضامنية. ذلك التوتر الحاصل ينسب إلى الجسم الملون، والذي يؤدي أيضا إلى فقدان القاسم المشترك بين تلك النساء. كنسوية ملونة، أنت تسببين التوتر حتى لو لم تنطقي بكلمة! إن مجرد قرب بعض الأجسام يتضمن حوارا مؤثرا. نتعلم من هذا المثال أن التاريخ مختزل في حقيقة عدم القدرة على مساس جو معين، أو في قدرة مساس الأجسام التي تعترض الطريق. قد تصبح الأجواء مشتركة إن اتفقنا على المصدر المسبب للتوتر.

يمكن الحفاظ على تاريخ ما، في لزوجة موقف ما. الكلام بدافع الغضب -كإمرأة ملونة- هو تأكيد على أنكِ مصدر التوتر، غضبك هو ما يهدد الرابط الاجتماعي. كما وصفت (أودري لورد) بقولها “حين تتكلم النساء الملونات مع النساء البيضاوات بدافع الغضب الذي يحدد العديد من علاقاتنا، عادة يقال لنا أننا ‘نخلق جوا من العجز، الذي يمنع النساء البيضاوات من تخطي شعور الذنب” أو “أننا نقف في طريق الثقة في التواصل والتعامل” [١٢]. الكشف عن العنف يصبح أصل العنف. وعليه يفترض على المرأة الملونة أن تتخطى غضبها لتتمكن المرأة البيضاء من التقدم.

شخصية المرأة السوداء الغاضبة هي شخصية خيالية تنتج تأثيرها الخاص بها. الحجج المنطقية المدروسة يتم وصفها بأنها غضب (الذي يؤدي إلى سحب المنطق من شعور الغضب)، هذا يؤدي إلى شعورك بالغضب، وعليه تتم قراءة ردود فعلك كدليل على أنك لست مجرد غاضبة، بل غير منطقية أيضا! لشرح هذه النقطة بطريقة أخرى، ينسب غضب النساء الملونات إلى شيء آخر. قد يغضبك كيف يحدّ التمييز العنصري والجنسي من الخيارات الحيواتية للمرأة الملونة. غضبك هو حكمك على شيء بأنه خاطىء . لكنهم حين يسمعون بغضبك فيصبح كلامك مفهوما على أنه مدفوع بالغضب. ولا يعتبرون أن غضبك عائد على شيء آخر؛ وكأن السبب وراء معارضتك لشيء ما، هو أنك غاضبة، وليس أن الغضب هو مصدره ذلك الشيء الذي تعارضينه أصلا. ثم تغضبين بسبب الظلم الذي تقعين تحته حين يقال لك أن دافعك هو الغضب؛ مما يجعل الأمر صعبا في أن تفصلي نفسك عن الشيء الذي يسبب غضبك. وتصبحين متورطة بالشيء الذي تشعرين بالغضب تجاهه، لأنك غاضبة بسبب الطريقة التي ورطوك بها في غضبك. وحين تغضبين بسبب ذلك، فإنكي تؤكدين على آرائهم على أن الغضب هو الدافع “وراء” ما تقولينه، مما يعيق غضبك، ويضع حدا لنجاحه. وهكذا يعيقونك بمنعك من النجاح.

تصبح بعض الأجسام مواقعا للانسداد؛ مواقع يصبح التواصل عندها صعبا. فكروا بقصيدة (آما آتا أيدوو) النثرية “أختنا قاتلة البهجة” (Our sister Killjoy)، حين تعمل راوية القصة (سيسّي) -وهي إمرأة سوداء- على توفير الراحة للآخرين. وهي تجلس في طائرة، تدعوها مضيفة طيران بيضاء أن تجلس في خلفية الطائرة مع “أصدقائها”، واللذان هم شخصان أسودان لا تعرفهما. وعندما تكون على وشك أن تقول لها بأنها لا تعرفهما، تتردد في ذلك. “فبرفضها الانضمام إليهما فإنها ستخلق موقفا محرجا، أليس كذلك؟ كما أنه إلى جانب التربية الحسنة الظاهرة التي نعمت بها المضيفة، فيجب الأخذ أيضا بعين الاعتبار أنها حصلت على التدريب لتوفير الراحة لجميع ركابها”.

تتحدث سلطة المرأة البيضاء في هذه اللحظة من التوتر. هل نتقبل هذا الموقف؟ وماذا يعني لو رفضنا تقبله؟ أن تخلق موقفا محرجا معناه أنك شخص محرج. المحافظة على راحة عامة الناس تعني أن بعض الأجساد عليها أن تتقبل الوضع العام. أن ترفضين تقبل الموقف، وأن ترفضين قبول المكان الذي تم وضعك فيه، يعني أنكي تتسببين بمشكلة، لأنك تتسببين بعدم راحة الآخرين. هناك صراع سياسي حول الكيفية التي نفسر بها المشاعر الصالحة والسيئة، وتلك تدور بشكل واضح حول سؤال بسيط، ألا وهو: من الذي يفرض مشاعره على الآخر؟ يمكن للمشاعر أن تعلق بإحدى الأجسام بنفس الطريقة التي نصف بها المساحات والمواقف والمآسي. ويمكن للأجسام أن تعلق في سياق معين حسب المشاعر التي تنسب إليها.

اعتراض الطريق

قاتل البهجة: هو الشخص الذي يعترض طريق سعادة الآخرين. أو ببساطة شخص يعترض الطريق – يمكنكِ اعتراض أي شيء طالما تم وصفك بقاطعة الطريق. إن مجرد حضورِك في مكان ما، هو تذكير لتاريخ من “الاعتراض” على احتلال/شغل المكان. كم من قصص النسويات تتكلم عن الأماكن والمساحات، وعن من يشغلها، وعن إفساح المجال؟ اللحظة التي تصلين فيها، هي اللحظة التي يبدأ فيها الاعتراض، ما الذي يحدث، ماذا تفعلين؟ يمكن إعادة التفكير بشخصية قاتلة البهجة في إطار سياسية العناد. لقد ذكرت سابقا أن أرشيف النشاط السياسي هو أرشيف غير سعيد؛ ذلك الأرشيف الذي أخذ هيأته من صراعات جميع أولئك الذين هم على استعداد أن يتصارعوا ضد السعادة. يمكننا إعادة وصف ذلك الصراع في إطار أولئك الذين هم على استعداد أن يتمتعوا بصفة العناد. إن أرشيف التعاسة هو أرشيف العناد.

لنرجع قليلا: لنستمع إلى من هم وما هو وراءنا. تصف (أليس ووكر) “نسوية المرأة الملونة (Womanist)” كالآتي: “النسوية السوداء أو النسوية الملونة… تشير عادة إلى تصرف غاضب، وجريء، وشجاع أو إلى تصرف عنيد. الرغبة في معرفة المزيد وبعمق أكثر عما يعتبر بأنه “جيدا” مسؤولة. متحكمة بزمام الأمور. جادة.” [١٤]. “تصف (جوليا بينيلوبي) المثليات بالعناد: “تقف المثلية في وجهه العالم الذي خلقه خيال الذكر. يالا كم العناد الذي نملكه حين نطالب باسترجاع حيواتنا!” [١٥] تستعمل النسوية المتطرفة لـ(مارلين فراي) مصطلح العناد حين تقول: “الإبتكار العنيد لمعنى جديد، لمكان جديد للكلمة، وطرق جديدة لنكون بها سويا في العالم، يبدو لنا في هذه الأوقات المميتة الخطرة، بأنه أفضل ما يمكن أن نأمل به”. [١٦] العناد بمعنى الجرأة والوقاحة، العناد بمعنى الاعتراض، العناد بمعنى الإبداع.

يمكننا أن نفهم كيف ينبع العناد، هذا إن أخذنا التعريف الاعتيادي للكلمة: “الإصرار أو الاستعداد على تأكيد الإرادة الشخصية ضد محاولات الإقناع، والتعليمات، أو الأوامر، أن يكون الشخص مدفوعا بالإرادة دون منطق، الإصرار على اتباع الاختيار الشخصي، الثبات والعند على المراد الشخصي بإصرار أو اللاعقلانية” (حسب تفسير قاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية). أن يتم وصفك بالعند واللاعقلانية لأن الآخرين لم يقنعوكِ بمنطقهم؟ هل هذا مألوف لكِ؟ هل سمعتي ذلك من قبل؟ حين تكونين مليئةَ بالعناد وكأن وجودكِ نفسه هو إثبات على أنك تعيشين، ترفضين إعطاء الطريق، ترفضين الاستسلام، ترفضين أن تتخلى عن اختيارك. هل يمكن أن يتحول هذا الشيء الذي يتهموننا به إلى تهمة بمفهوم تهم “أليس ووكر”، طريقة لأن تكوني متحكمة بها بزمام بالأمور؟ إن اتهمنا بالعناد، فيُمكننا أن نقبل هذه التهمة والتحريك من منطلقها.

علينا أن نصبح عنيدات، ربما، لنتمكن من الاستمرار على الطريق الذي سلكناه، إن كان ذلك الطريق يعتبر الطريق الخاطئ. جميعنا نعرف تجربة “المشي عكس التيار” في الزحام. يبدو لك أن الجميع يمشي عكس الاتجاه الذي تمشيه. إن طاقة الجماهير وزخمهم سيشعرونك لحظتها بأنهم يدفعونكِ ويزجونكِ دون حتى أن يقوم أحد بذلك فعليا. ولكي تتمكنين من المضي للأمام عليكِ أن تدفعي بقوة أكبر من قوة أي من أولئك الذين يمشون في الطريق الصحيح. إن الجسم الذي يمشي في “الاتجاه الخاطىء” يعتبر أنه الجسم الذي “يعترض” الإرادة التي تكتسب من تلك الطاقة والزخم. تحتاج بعض الأجسام إلى مجهود عظيم لـ”تستمر بثبات”، وكلما أصررتي أكثر أن تمشي عكس التيار، قد يظهر هذا المجهود للآخرين على أنه عند أو مكابرة. وعليكِ أن تصّري على المشي عكس التيار، وسيحكمون عليكِ أنكِ تمشين عكس التيار لأنك مصّرة وعنيدة. يالا التناقض: عليكِ أن تتحولين إلى ذلك الشيء الذي يحكمون عليكِ به.

من المهم ألا نفترض أن صفة العناد لا تلتصق فقط بأفراد ذهبوا في تيار مضاد للمجتمع، ففي نفس الوقت يمكن لنا أن نلاحظ أن التيار المجتمعي يمكن اعتباره قوة ما؛ وتلك القوة يتم الشعور بها بشكل مباشر حين تحاولين مقاومتها. يمكن وصف تجربة “التصدي لقوة ما” بأنها تجربة عناد، ولذلك فإن ممارسة سياسة عنادية يجب أن تكون سياسة جماعية. ولا يمكن افتراض الجماعة هنا كأرضية، بل وأن العناد هنا هو جمع من أولئك الذين يعانون من أجل إيجاد أرض مشتركة يتعايشون عليها. فيجب أن تحصلين على دعم، حين تذهبين في الاتجاه المضاد لسريان الأمور. ولذلك فأنا أرى أن السياسة النسوية الكويرية هي سياسة مائدات؛ فالمائدات تدعم التجمع، ونحن بحاجة إلى الدعم الجماعي حين نعيش حياتنا بطرق يعتبرها الآخرون عنيدة وشاذة.

التدفق يحدث على أثر أجسام تذهب في نفس الاتجاه، ويمكن اعتبار الذهاب في نفس الاتجاه تجمع. يمكن للتدفق أن يكون نتيجة لتجمعات من نوعيات مختلفة؛ مثل تجمع مائدات على سبيل المثال؛ باعتبارها أجسام تُقرِّب وتدعم التجمع البشري. لا يمكنني تذكر عدد المرات التي تُرِكت فيها أنتظر على طاولة في أحد المطاعم، ثم يدخل زوج مغاير ليتم الانتباه له وخدمته على الفور. بالنسبة للبعض يجب عليهم الإصرار من أجل الحصول على رد فعل اجتماعي؛ فيمكنك مثلا الإعلان عن وجودك، أو التلويح بذراعك قائلة: “أنا هنا!”، وبالنسبة للبعض الآخر يكفي أن تُظهرين نفسك، حيث أنك قد مُنحتي مكانا على الطاولة بالفعل قبل أن تبادرين بأخذ مكانك. يصف العناد العواقب المتفاوتة لتلك الفروق.

تتضمن نسبة العناد لفعل ما، نسبة مشاعر سلبية موجهة إلى العناصر التي تقف في مواجهة ذلك الفعل؛ تلك العناصر هي التي “تذهب ضد التيار”. وبالتالي فإن نسبة العناد لفعل ما، هي شحنة فعالة لقتل البهجة. وتعتبر الحوارات أيضا تيارات؛ فهي مشبعة، ويستشعر ذلك التشبع في الجو المحيط. أن تُنسب إليك صفة العناد هو أن تكوني من “يعكر صفو الجو”. أخبرتني زميلة بأنه يكفي أن تهم بفتح فمها في أحد الاجتماعات ليبدي الجميع الامتعاض بملامح وجههم وكأنهم يقولون: “ها هي تبدأ من جديد بإزعاجنا بما لديها من أفكار!”. علمتني تجربتي -كإبنة نسوية تنتمي إلى عائلة تقليدية- الكثير عن إبداء الآخرين مثل ذلك الامتعاض. أنتم تعلمون ذلك بالفعل. أيما تقولين يتم اعتبار ما تقولينه كنسوية “سبب الجدال”، ويتم اعتبارك مصدر إزعاج حالة السلم الحساسة. أن تتمتعي بالعناد هو أنك تبدأين نقطة توتر. العناد هو تهمة تلتصق بك دائما.

أن تنسب إليك صفة العناد هي أن توصَفين بأنك سبب المشكلة، وبالتالي يمكننا ادعاء أن العناد هو قضية سياسية. يمتلئ تاريخ النسوية الكويرية بموضوعات العناد المعلن. فلنتخذ على سبيل المثال “نادي الابتداع” الذي كان يمارس أنشطته في “جرينويتش فيليدج” في أوائل القرن العشرين، وكان ناديا للنساء غير التقليديات. تلك النساء قمن بوصف أنفسهن بأنهن “فرقة من النساء العنيدات”، حسب تصريح “جوديث شوارز” في تأريخها الرائع لذلك النادي [١٧]٠ الابتداع “لا يتوافق مع المعتنقات المقبولة”. أن تتصفين بالعناد هو أن تكونين مستعدة لإعلان اختلافك، وأن تضعين نفسكِ في موقف غير الموافق. أن تتمثلين عدم الاتفاق قد يعني أيضا أن يتم اعتبارك مزعجة أو كريهة. يمكننا القول بأن النسوية هي من ابتكار مجموعة من النساء المزعجات.

إن تاريخ الإضرابات والمظاهرات هو تاريخ أولئك الذين قصدوا أن يضعوا أجسامهم في الطريق، وحوَّلوها إلى نقاط سد تعترض التدفق البشري، وهي أيضا تعترض التدفق الاقتصادي من وجهة نظر أوسع. حين يتحول العناد إلى أسلوب سياسي، فهو لا يعني مجرد قصدية عدم السير مع التيار السائد، بل وأنه يعني أيضا قصدية التسبب في إعاقة ذلك التيار. يمكن لنا أن نفكر بأن الإضراب عن الطعام قد يكون أوضح أنواع القصدية؛ فهو فعل يختزل قوة الجسد في قدرته على الإعاقة؛ حيث تكون إعاقة الآخرين في هذه الحالة هي إعاقة للذات، أي إعاقة المرور إلى ذلك الجسد. إن تاريخ القصدية هو تاريخ أولئك الذين يقصدون وضع أجسامهم في الطريق.

يمكن أيضا اعتبار الأشكال السياسية للوعي قصدية؛ فلا يتوقف الأمر فقط على الحديث عن ما خفي عن الأنظار، بل يجب أن تصحبه قصدية اعتراض طريق ذلك الإخفاء. هناك حجة تنتمي إلى الموجة النسوية الثانية (تتشاركها الماركسية وسياسة الطبقة السوداء) أعتبرها جديرة بأن نتمسك بها، ألا وهي أن الوعي السياسي يمكن تحقيقه؛ فزيادة الوعي هو أحد أهم جوانب العمل السياسي الجماعي. وزيادة الوعي هي أمر صعب؛ حيث أن الوعي هنا هو وعي بوضع متراجع (بما تبدد). وإذا كانت خلاصة فترة تراجع هي أنها تعطي البعض إمكانية احتلال مساحة ما (يعاد إنتاج الاحتلال عن طريق إخفاء علامات ذلك الاحتلال)، فبالتالي تصبح زيادة الوعي هي مقاومة لذلك الاحتلال.

فلنأخذ التمييز العنصري كمثال؛ يمكن اعتبار مجرد الحديث عن التمييز العنصري فعل يتصف بالقصدية، وكأن الحديث عن الانقسامات بدوره يؤدي إلى الانقسام. مع الوضع في الاعتبار بأن التمييز العنصري يخفى عن الوعي الاجتماعي، فيظهر من يقومون بـ”التحدث عنه” وكأنهم هم من يخلقونه. لقد تعلمنا أن الحديث عن التمييز العنصري عادة ما يعتبر تدخلا من قبل شخصية المرأة السوداء الغاضبة؛ وكأن غضبها تجاه التعصب هو الذي يُحدث النفور النسوي (نفور النسويات منها). أن تتراجع هو أن ترجع إلى الوراء، أو أن تتقهقر. أن تمنح هو أن “تفسح مجالًا” بأن تجعل الأمر “يرجع إلى الوراء”. ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك. يُطلب منا باستمرار بأن نُظهر التزامنا بالتعددية. يطلب منا دائما أن نبتسم في مطبوعاتهم؛ فابتسامة التعددية هي طريق لمنع التمييز العنصري من الطفو على السطح؛ هي نوع من أنواع التقهقر السياسي.

إن الحديث عن التمييز العنصري أمر غاية في الصعوبة؛ حيث أنه يمكن أن يعمل على حجب الدليل على وجوده بالأساس. يتم اعتبار أولئك الذين يتحدثون عن التمييز العنصري خالقين لمشكلة وليس واصفين لها؛ والمخاطرة بالفعل كبيرة؛ حيث أن الحديث عن التمييز العنصري هو بمثابة احتلال مساحة مشبعة بالتوتر. التاريخ مشبع. كانت إحدى نتائج مشروع بحثي شاركت فيه عن موضوع التعددية، هي أن الأشخاص الملونين عادة ما يقومون باختيار استراتيجي بعدم استخدام لغة التمييز العنصري [١٨]؛ وذلك لأن التمييز العنصري يُشبِّع المساحات اليومية والمؤسسية. إذا ما قمت بطرح مشكلة، أو ظهرت بمظهر “من لا ينتمي للمكان” في المؤسسات ذات الأغلبية البيضاء، فيمكن اعتبار أن هناك “أسباب مقبولة” لعدم اعتبار اللغة المستخدمة مصدرا للتهديد [١٩]. عدم الحديث عن التمييز العنصري قد يكون طريقة لاحتلال المساحات التي يوجد بها ذلك التمييز. تقوم بتقليل الإحساس بأنكِ مصدرا للتهديد عن طريق تنعيم اللغة التي تستخدميها وتنعيم مظهركِ؛ وذلك بترك أكبر مساحة ممكنة بينك وبين ظهورك بمظهر الشخص الملون الغاضب. وكما نعرف بالتأكيد فإن مجرد الدخول إلى حجرة ما قد يتسبب في فقدانك تلك المسافة؛ حيث أن مظهر الشخص الغاضب أحيانا ما يسبقك إلى المكان.

حين تقوم باستخدام لغة التمييز العنصري يتم تفسير الكلام على أنك “متمسك بالعنصرية” أو على أنك “غير متخلية عنها”؛ وكأن الحديث عن التمييز العنصري هو ما يتسبب في استمراره. عادة ما يتخذ التمييز العنصري أشكالا معاصرة من التمثيل، وكأنها أشكالا من تمثيل خبرات سابقة. فلنتخذ فيلم “قم بلويها مثل بيكهام Bend it Like Beckham” (من إخراج غوريندر تشادا عام ٢٠٠٢) كمثال؛ حيث يعتمد الفيلم على فرضية حرية تحقيق السعادة، أي حرية الإبنة “جيسمندر” بأن تفعل كل ما يحقق لها السعادة (أي لعب كرة القدم في تلك الحالة – ففكرتها عن السعادة تقربها من الفكرة القومية عن السعادة). وتحول ذكريات أبيها عن التمييز العنصري بينها وبين تحقيق السعادة. فلنضع في اعتبارنا مقطعين حواريين ألقاهما الأب خلال الفيلم، الأول في بدايته والثاني في نهايته؛ حيث قال:

“حين كنت مراهقا في نيروبي، كنت أفضل وأسرع رامي في المدرسة، لدرجة أن فريقنا قد فاز بالكأس الأفريقية. ولكن حين قدمت إلى هذا البلد، لم أستطع تحقيق أي شيء. سخر من عمامتي أولئك الملاعين في النادي وأرسلوني لكي أحزم أمتعتي.. سينتهي بها المطاف إلى خيبة الأمل مثلي.”

“حين قام لاعبو الكريكت الإنجليز الملاعين بطردي من ناديهم مثل الكلاب، لم أشتكِ. بل على العكس، أقسمت بأني لن ألعب ثانيا. من الذي تحمل المعاناة نتيجة لقراري ذاك؟ أنا وحدي. ولكني لا أريد أن تعاني “جيس” مثلي. لا أريدها أن تقترف نفس الأخطاء، وأن تتقبل الحياة كما هي، وأن تتقبل الظروف كما هي. أريدها أن تحارب، وأريدها أن تفوز”.

في المقطع الأول يقول الأب بأن الفتاة يجب ألا تحاول اللعب لكي لا تعاني مثل معاناته، وفي الثاني يقول بأنه يجب عليها أن تلعب لكي لا تعاني مثل معاناته. الرغبة الواضحة في المقطعين هي تجنيب الإبنة المعاناة، ويتم التعبير ذلك في صورة رغبة الأب في عدم تكرار الإبنة لأخطائه. يرجح المقطع الحواري الثاني بأن رفض لعب المباراة القومية هو “الحقيقة” وراء معاناة المهاجر؛ فأنت تعانين لأنك لا تلعبين المباراة حيث أن عدم اللعب هو بمثابة استبعاد للذات. ولكي يسمح لابنته “جيس” بأن تحقق السعادة يجعلها تذهب في طريقها. دلالة ذلك هي أنه لم يسمح لها بمجرد الذهاب، بل أنه يعتقها من معاناته الشخصية؛ وهي المعاناة التي تسبب بها قبوله للتمييز العنصري كسبب استبعاده.

أنا أقترح بأنه قد تم تمثيل الأب في المقطع الحواري الأول على أنه سوداوي؛ حيث أنه يرفض التخلي عن معاناته. رفضه لترك “جيس” تذهب للمشاركة في الفريق هو عرض من أعراض اكتئابه وسوداويته؛ فهو متشبث بعند بالضرر الذي وقع عليه [٢٠]، حين يقول “من الذي تحمل المعاناة نتيجة لقراري ذاك؟ أنا وحدي”. الإحساس السيء يتولد لدى المهاجر حين يرفض التخلي عن التمييز العنصري كسبب يفسر معاناته. يتمسك المهاجر السوداوي بعناصر الاختلاف المتسببة في تعاسته -مثل العمامة- أو حتى بذكرى خضوعه للسخرية بسبب تلك العناصر؛ ويعتبرها الرابط بينه وبين تاريخ التمييز العنصري. وكأنه يتوجب على المرء التخلي عن الألم الذي يتسبب فيه التمييز العنصري عن طريق التخلي عن ذلك التمييز كسبب في تذكر ألمه. يمكنني حتى القول بأن تفسير التمييز العنصري يصبح أنه ما يتمسك به المهاجر السوداوي على أنه الألم الذي يسمح له بتبرير رفضه المشاركة في المباراة القومية. وبذلك فإن تذكر تجربة التعرض للتمييز العنصري، أو وصف تلك التجربة يمكن أن يقف في طريق سعادة الآخرين.

يصبح الوعي بالتمييز العنصري مفهوما على أنه وعي وهمي؛ وكأنه وعي بشيء أصبح غير موجود. يتم تأطير التمييز العنصري كذكرى لماضٍ لا يفيد الاحتفاظ بها إلا بإرهاقنا. تصبح مهمة أن تكوني مواطنة هي مهمة التحول؛ فإذا كان التمييز العنصري محفوظا في أذهاننا ووعينا كمجرد ذكرى، فإنه لن “يختفي” إلا إذا أعلننا لأنفسنا اختفائه. لا يعني السرد الضمني هنا بأننا “نخترع التمييز العنصري”، بل إننا نحافظ على قوته بالتحكم في حياتنا الاجتماعية عن طريق عدم قدرتنا على تخطيه. بالتالي تكون المهمة الأخلاقية في تلك الحالة هي “تخطي التمييز العنصري”، وكأنه يختفي إذا ما قمنا بتخطيه.

الخلاصة: مانيفستو قاتلات البهجة
تعلمنا “أودري لورد” كيف أن حرية تحقيق السعادة يمكن ترجمتها بشكل سريع إلى حرية غض البصر عن ما يحول بيننا وبينها [٢١]. يمكن ترجمة تاريخ النقد النسوي لمفهوم السعادة في المانيفستو التالي: “لا تغض البصر عن المشكلة، لا تتخطى المشكلة”. عدم التخطي هو شكل من أشكال الخيانة. القصدية هي نوع من أنواع الخيانة؛ فلنفكر بذلك في ضوء دعوة “أدريان ريتش” لنا بخيانة الحضارة. لن نتخطى المشكلة إذا لم تختفِ المشكلة. نحن لسنا أوفياء إذا كان الوفاء لوضع خاطىء [٢٢]. يمكن إعادة النظر في القصدية على أنها أسلوب سياسي؛ فهي رفض للتغاضي عن ما تم التغاضي عنه بالفعل. من يلفتون الانتباه إلى أن التمييز العنصري، والتمييز الجنسي ضد المرأة، وضد المثليين هي مشاكل موجودة بالفعل هم أشخاص مفعمون بالعناد؛ فهم يرفضون بالسماح لذلك الواقع أن يتم التغاضي عنه.

حتى الحديث عن الظلم، والعنف، والقوة، والامتثال في عالم يستخدم مفهوم “التعددية السعيدة” كتكنولوجيا للوصف الاجتماعي، يمكن أن تعني أن يصبح المرء عائقا، أي أن يتم وصف أولئك على أنهم من “يعترضون طريق” سعادة الآخرين. يتم تفسير حديثك على أنه اجترار لنقاط مؤلمة، وكأنك تتمسكين بشيء ما -سواء كان شخص أو ذكرى جماعية، أو إحساس بعدم انتهاء تاريخ ما- لأنك تجترين الألم. عادة ما يقول الناس بأن الصراع السياسي ضد التمييز العنصري هو بمثابة طرق الرأس بحائط أسمنتي؛ يظل الحائط بمكانه إلا أنك أنت الذي تتعرض للألم. ربما يجب أن نظل نتألم بقدر الألم الذي تسببه تلك النقاط المؤلمة. بالتأكيد لا يعبر ذلك عن كل ما نقوله أو نفعله. ويمكننا تحديد أننا لسنا مصدر عدم السعادة التي تم إلحاقها بنا، بل وأننا أيضا لسنا الآثار الناتجة عن إلحاق أسباب عدم السعادة بنا. يمكننا الحديث عن أننا عناصر قصدية، وقاتلات بهجة نسويات، ونساء سوداء غاضبات، ويمكننا استعادة تبنينا لتلك الصفات، ويمكننا التحدث عن تلك المناقشات التي دارت بيننا وبين الآخرين حول  مائدات العشاء، أو في الاجتماعات والندوات. يمكننا أن نضحك لدى تذكر مدى ألفة احتلال تلك المساحة، حتى مع عدم احتلالنا لنفس المساحة (ونحن بالفعل لا نحتل نفس المساحة). يمكن تواجد السعادة مع الدعوة للسعادة. يمكننا أن نكون قاتلات بهجة، ونحن بالفعل قاتلات بهجة. فلنتمتع بالقصدية!


1Feministkilljoys Blog, https://feministkilljoys.com

ملاحظات ختامية:

١. هذه الورقة مهداه لجميع النسويات قاتلات البهجة. أنتن تعرفن من أنتن!

٢. أرلي راسل هوشيلد، القلب المُسيّر: كيف تصبح المشاعر الإنسانية تجارية (The Managed Heart: Commercialization of Human Feeling). (بيركلي: دار نشر جامعة كاليفورنيا، ٢٠٠٣)، ٥٩-٦١.

٣. سارة أحمد، الظاهرة الكويرية (أحرار الجنس): توجهات، وأجسام، والآخرون (Queer Phenomenology: Orientations, Objects, Others). (دورهام، كارولينا الشمالية: دار نشر جامعة ديوك، ٢٠٠٦)، ١٣٨.

٤. سيمون ديبوفوار، الجنس الآخر (The Second Sex)، ترجمة إتش.إم. بارشلي (لندن: دار نشر فينتيج بووكس، ١٩٩٧)، ٢٨.

٥. انظر، مثلا: نانسي جاردن، آني في بالي (Annie on My Mind) (نيويورك: فارار، ستراوس و جيروكس، ١٩٨٢)، ١٩١.

٦. مارلين فراي، سياسة الواقعية: مقالات في النظرية النسوية (The Politics of Reality: Essays in Feminist Theory) ( ترومانزبورج، نيويورك: دار نشر ذا كروسينج، ١٩٨٣).

٧. فراي، ٢-٣.

٨. للأعمال الأولى عن المشاعر النسوية، انظري: أليسون جاجار، “الحب والمعرفة: المشاعر في نظرية المعرفة النسوية” (Love and Knowledge: Emotion in Feminist Epistemology) في آن جاري ومارلين بيرسال (محررات)، النساء والمعرفة والواقعية: استكشافات في الفلسفة النسوية (Women, Knowledge and Reality: Explorations in Feminist Philosophy) (نيويورك: روتلدج، ١٩٩٦) ١٦٦-١٩٠، وإليزابيث سبلمان، “الغضب وعدم الرضوخ” (Anger and Insubordination)، في آن جاري ومارلين بيرسال (محررات)، النساء والمعرفة والواقعية: استكشافات في الفلسفة النسوية Women, Knowledge and Reality: Explorations in) Feminist Philosophy) (نيويورك: روتلدج، ١٩٨٩)، ٢٦٣-٢٧٤. لجدال مهم عن الحاجة لفصل الظلم عن تجربة الألم والوجع، انظري: لورن برلانت، “موضوع المشاعر الحقيقية: الألم، والخصوصية والسياسة” في سارة أحمد، وسيليا لري، وجين كيلبي، ومورين مكنيل، وبيفرلي سكيج (محررات)، تحولات: التفكير من خلال النسوية (Transformations: Thinking Through Feminism) (لندن: روتلدج، ٢٠٠٠)، ٣٣-٤٧. لمزيد من المناقشات عن النسوية والمشاعر انظري في الفصل الأخير من “التعلقات النسوية”(Feminist Attachments)، والتي تعتبر التساؤل والأمل والغضب كمشاعر نسوية في: سارة أحمد، السياسة الثقافية للمشاعر (The Cultural Politics of Emotions) (إدينبرج: دار نشر جامعة إدينبرج، ٢٠٠٤).

٩. انظري أودري لورد، الأخت الغريبة: مقالات وخطب (Sister Outsider: Essays and Speeches) (ترومانزبورج، نيويورك: دار نشر كروسينج، ١٩٨٤).

١٠. انظر بيل هووكس، النظرية النسوية: من الهامش إلى المركز (Feminist Theory: From Margin to Center) (لندن: دار نشر بلوتو، ٢٠٠).

١١. هوكس، ٥٦.

١٢. لورد، ١٣١.

١٣. أما آتا آيدوو، أخواتنا قاتلات البهجة (Our Sister Killjoy) (هارلو: لونجمان، ١٩٩٧)، ١٠.

١٤. أليس ووكر، البحث عن الحديقة الأم (In Search of Our Mothers Gardens) (فينيكس: الطبعة الجديدة، ٢٠٠٥).

١٥. جوليا بينيلوبي، أدعوني بالمثلية: حياة المثلية، النظرية المثلية (Call Me Lesbian: Lesbians Live, Lesbian Theory) (بيركلي، كالفورنيا: دار نشر كروسينج، ١٩٩٢)،٤٢.

١٦. مارلين فراي، العذراء القصدية: مقالات في النسوية (Wilful Virgin: Essays in Feminism)، ١٩٦٧-١٩٩٢ (بيركلي، كاليفورنيا: دار نشر كروسينج، ١٩٩٢)، ٩.

١٧. جوديث شوارتس، هرطقة نسويات راديكاليات (Radical Feminists of Heterodoxy) (شيجاكو، الينوي: دار نشر نيو فيكتوريا، ١٩٦)، ١٠٣.

١٨. سارة أحمد، شونا هانتر، سيفجي كيليتش، إلين سوان، لويس تيرنر، “العرق والتنوع والقيادة مجال التعلم والمهارات” “Race, Diversity and Leadership in the Learning and Skills Sector)، تقرير غير منشور، ٢٠٠٦.

١٩. نيرمال بووار، محتلوا المكان: العرق والنوع و”الأجسام الغريبة عن المكان” (Space Invaders: Race, Gender and “Bodies out of Place”) (أوكسفورد: برغ، ٢٠٠٤).

٢٠. لحوارات ممتازة عن الحزن العرقي انظر: آن-أنالاين تشتغ، حزن العرق: تحليل نفسي، التكيّف، والحزن المخبىء  (The Melancholia of Race: Psychoanalysis, Assimilation and Hidden Grief) (أوكسفورد: دار نشر جامعة أوكسفورد، ٢٠٠١)؛ وديفيد ل. إنج وشينهيي هان، “حوار عن الحزن العرقي”(A Dialogue on Racial Melancholia)، في ديفيد ل. إنج وديفيد كازانجيان (محررون) الفقدان: سياسة النحيب (Loss: The Politics of Mourning) (بيركلي: دار نشر جامعة كاليفورنيا، ٢٠٠٣)، ٣٤٣-٣٧١.

٢١. لورد، ٧٦.

٢٢. أدريان ريتش، “عدم الوفاء للحضارة” (Disloyal to Civilization)، في الكذب، والأسرار والصمت   (Lies, Secrets and Secrets) (نورتن: نيويورك، ١٩٧٩).

نٌشر هذا النص بإذن من كاتبته سارة أحمد لمجموعة اختيار، وكان نُشر بالأساس من خلال مركز بارنارد للبحوث عن المرأة

S&F Online – The Scholar and Feminist Online

Published by The Barnard Center for Research on Women

www.barnard.edu/sfonline

Issue 8.3: Summer 2010

Polyphonic Feminisms: Acting in Concert

Share Button